فيه مواضيع في شغلنا كدكاترة سنان مبتنتهيش ابداً، كل فترة تلاقي النقاش ولع عليها تاني في الجروبات. يمكن اكتر لغز محير اليومين دول هو السؤال الأزلي: هل فعلاً نقدر نخلع ضرس علوي Maxillary Molar او Premolar من غير ما ندي العيان حقنة الـ Palate المرعبة دي؟
لو انت متابع كويس، اكيد شوفت الخناقة دي. دكتور يدخل يقول بثقة “يا جماعة انا بخلع بـ Buccal بس والعيان زي الفل”، ودكتور تاني يرد عليه “استحالة! انت بتعذب العيانين، لازم Palatal”. وفي وسط المعركة دي، دايماً بيظهر اسم البطل الخارق اللي بيتقال انه مفتاح السر كله: مخدر الأرتيكائين Articaine.
ايه الحكاية بالظبط؟ هل دي مجرد خبرات شخصية، ولا وراها علم بجد؟ وهل نقدر نعتمد على الكلام ده ونرحم العيانين (ونرحم نفسنا) من كابوس حقنة الـ Palate؟ تعالوا نفصص الموضوع ده حتة حتة، ونسافر سوا في رحلة سريعة بين الكتب والأبحاث عشان نفهم القصة صح.
الحكاية بدأت منين؟ شرارة الدكتور Malamed
القصة دي مظهرتش من فراغ. الشرارة الأولى اللي ولعت النقاش ده عالمياً كانت سنة 2016، لما واحد من عمالقة التخدير الموضعي، الدكتور ستانلي مالاميد Dr. Stanley Malamed، رمى قنبلة في كتابه الشهير (1).
مالاميد قال ببساطة ان باستخدام مخدر الأرتيكائين 4% 4% Articaine، ممكن نحقق تخدير كافي للأنسجة الحنكية Palatal tissues عن طريق حقنة واحدة بس في الناحية الدهليزية Buccal Infiltration، من غير ما نحتاج ندي حقنة منفصلة في الـ Palate.
طبعاً، لما اسم بحجم مالاميد يقول معلومة زي دي، الدنيا بتقوم وم بتقعدش. كلامه فتح الباب على مصراعيه للأبحاث عشان تثبت او تنفي النظرية دي. ومن هنا، بدأ سباق علمي محتدم.
ساحة المعركة العلمية: الأبحاث بتقول ايه؟
زي اي نقاش علمي، ظهرت دراسات بتدعم الفكرة، ودراسات تانية بتعارضها بشدة. خلينا نشوف اهم الأطراف:
الفريق المؤيد (مع شوية شروط)
-
بحث دكتور Uckan: طلع قالك ايوه يا جماعة الموضوع ممكن فعلاً. بس بشرط، لازم تحقن 2 مل من الأرتيكائين 4% عشان توصل للتأثير ده (2). وهنا نقف لحظة، خرطوشة البنج اللي في ايدينا كام؟ 1.7 او 1.8 مل. يعني عشان تطبق بروتوكول البحث ده، انت محتاج تحقن اكتر من خرطوشة كاملة Buccal infiltration، وده في حد ذاته كتير شوية.
-
بحث دكتورة Kopal Sharma: في 2014، عملت مقارنة بين الأرتيكائين والليجنوكائين وقالت بصراحة ان الأرتيكائين Articaine كسب بجدارة في قدرته انه يعدي الناحية التانية ويخدر الـ Palate (3).
-
بحث دكتور Sekhar: حب يعقدها شوية وقال ان الموضوع ممكن يحصل حتى مع الليجنوكائين 2% Lidocaine، بس برضه احتاجوا 2 مل، وقالوا ان البنج خد وقت أطول عشان يشتغل في الـ Palate، حوالي 8 دقايق.
الفريق المعارض (وبقوة)
-
بحث دكتور Ozec: ده كان صريح جداً ومجاملش حد. بحثه خلص لنتيجة واحدة: لأ، مينفعش. الـ Buccal infiltration لوحده، حتى باستخدام الأرتيكائين، مش كافي خالص انه يخدر منطقة الـ Palate بشكل كويس يسمح بالخلع من غير ألم (4).
اذاً احنا قدام حيرة. أبحاث بتقول أه وأبحاث بتقول لأ. طب ليه كل الجدل ده على الأرتيكائين بالذات؟ ايه اللي مخليه مختلف عن باقي شلة المخدر؟
البطل الخارق Articaine: ايه سر القوة؟
السر كله يا دكتور في الكيميا. الأرتيكائين عنده تركيبة مختلفة شوية عن صحابه زي الليجنوكائين والميبيفاكائين. فيه حلقة في تركيبه الجزيئي اسمها حلقة الثيوفين Thiophene Ring.
طب وايه يعني برضه؟
الحلقة دي بتخليه بيعرف يدوب في الدهون بشكل أحسن بكتير Increased Lipid Solubility. ولأن أغشية الخلايا والعضم الإسفنجي فيهم نسبة دهون، فده بيدي الأرتيكائين قدرة رهيبة انه ينتشر ويعدي من خلال الأنسجة والعضم بسهولة وسرعة Diffusion.
النظرية كلها قايمة على انك لما تحقن الأرتيكائين Buccal، هو بقدرته على الاختراق دي هيعرف “يغطس” جوه العضم ويعدي الناحية التانية ويوصل للأعصاب بتاعة الـ Palate ويخدرها. بس هل الحياة بالسهولة دي؟ اكيد لأ.
قبل ما تاخد القرار: ٥ نقط لازم تفكر فيهم
حتى لو كنت متحمس للفكرة، فيه كام مطب كده ممكن تقع فيهم يخلوا العيان يصوت وانت تندم على اليوم اللي فكرت فيه تعمل كده.
-
الناس مش زي بعضها Individual Patient Variation: عتبة الألم Pain Threshold بتختلف من بني آدم للتاني. اللي ممكن يعدي عند واحد كإحساس بضغط، ممكن يكون صرخة ألم عند واحد تاني.
-
التشخيص هو الملك Diagnosis is King: لو بتخلع سنة سليمة عشان التقويم، يمكن الموضوع يعدي. لكن لو الحالة التهاب حاد في العصب Acute Pulpitis، انسى الموضوع ده تماماً. الأنسجة الملتهبة بتكون حمضية، وده بيخلي اي مخدر في الدنيا يشتغل بصعوبة. الأبحاث كلها تقريباً أجمعت ان نسبة الفشل عالية جداً في الحالات دي.
-
التركيز بيفرق Concentration Matters: متنساش ان الأرتيكائين 4% اللي بنتكلم عنه ده، تركيزه ضعف تركيز الليجنوكائين 2% العادي. القوة دي جزء من قدرته على الانتشار.
-
شكل العضم Bone Anatomy: سماكة العضم في الفك العلوي مش واحدة. فيه مناطق العضم فيها تخين وكثيف، زي منطقة الضرس الأول الدائم First Molar اللي فوقه على طول عضمة الوجنة Zygomatic buttress. في المناطق دي، فرصة ان البنج يعدي بتبقى أصعب بكتير.
-
الألم إحساس شخصي The Subjectivity of Pain: قياس الألم في الأبحاث دي حاجة نسبية جداً. عشان كده سهل تلاقي بحث بيقول أه وبحث بيقول لأ، لأن التجربة نفسها بتعتمد على إحساس المريض الشخصي.
الخلاصة: اعمل ايه بكرة في العيادة؟ The Final Verdict… For Now
بعد كل الرغي ده، نوصل للسؤال العملي: من الآخر، ادي الحقنة بتاعة الـ Palate ولا لأ؟
الاجابة الصادقة هي: الموضوع لسه مفهوش كلمة قاطعة ونهائية.
لكن نقدر نطلع بشوية توصيات عملية جداً Clinical Take-home Messages:
-
حقنة الـ Palatal Infiltration لسه هي الطريقة الأضمن والأكثر أماناً Gold Standard عشان تضمن 100% ان العيان مش هيحس بحاجة. خصوصًا لو ناوي ترفع شريحة لثوية Flap من ناحية الـ Palate.
-
لو نفسك تجرب مدرسة “البكال بس”: ممكن، بس خليك حذر جداً.
-
اختار الحالة الصح: خلع بسيط، سنة مش ملتهبة، مريض شكله هادي وبيستحمل.
-
استخدم Articaine 4% تحديداً.
-
صارح المريض قبلها: قوله “هنجرب من غير الحقنة اللي بتوجع، بس لو حسيت بأي حاجة بسيطة قولى فوراً وهنديلك تخدير إضافي”. خليه شريكك في القرار.
-
جس النبض الأول: قبل ما تدخل بالآلات، المس اللثة في الـ Palate بالـ Probe وشوف رد فعله. لو اتنفض، يبقى انت عارف هتعمل ايه.
-
-
الحل الأذكى: ادي الحقنة من غير وجع! بدل ما تلغيها، اتعلم ازاي تديها بأقل ألم ممكن:
-
Topical Anesthesia كويس: حط كمية كويسة من البنج الموضعي على قطنة وسيبها دقيقة او اتنين على المكان.
-
تقنية الضغط Pressure Anesthesia: امسك طرف عود قطن ناشف واضغط جامد على المكان اللي هتدي فيه الحقنة لمدة 10-15 ثانية قبل ما تدخل بالإبرة. الضغط ده بيعمل تخدير مؤقت بسيط وهيشتت إحساس المريض.
-
احقن ببطء السلحفاة: نقطة… نقطة… نقطة. كل ما كنت أبطأ، كل ما كان الألم أقل بكتير.
-
في النهاية يا دكتور، قرارك لازم يكون مبني على الموازنة بين راحة المريض وضمان عدم شعوره بالألم. وجع ثواني من حقنة بتتاخد صح، أحسن بكتير من ألم مفاجئ وشديد في نص الخلع ممكن يفقدك ثقة المريض للأبد.